الباب العاشر – عملي في التدريس بعد التخرج

البحث عن عمل

أذكر أننا قدمنا الامتحان في شهر تموز يوليو عام 1942 والتاريخ المسجل على شهادة المترك التي منحت لي هو 23/7/1942 وفي يوم إعلان النتائج وكان ذلك في أوائل شهر أيلول (سبتمبر) من ذلك العام اتصلت بجريدة الدفاع اليافية بالتليفون وكنت قلقا بانتظار النتيجة وفرحت كثيرا عندما أخبرني الموظف المختص أن اسمي كان في قائمة الناجحين والتي أعلنت في الصحف في اليوم التالي. وكان ذلك اليوم من الأيام الهامة جداً في حياتي إذ أصبحت من “الشبان المرموقين” في يافا حملة المترك. وفي اليوم التالي بدأت في البحث عن عمل. وكانت الوظائف الحكومية محدودة وكذلك العمل في الجهات الأهلية فتوجهت شأني شأن معظم حملة المترك إلى العمل في التدريس. وكان من الممكن أن أتجه إلى دائرة المعارف فأعين معلما في إحدى القرى القريبة أو البعيدة .. مثلي مثل زملائي ولكنني منذ البداية كنت أرغب في البقاء والعمل في مدينتي “يافا”.

أول راتب تقاضيته

لهذا لم يكن أمامي إلا العمل في كلية الثقافة وكان مديرها شفيق الأنصاري آنذاك يعمل على اكمال صفوف المدرسة الابتدائية والتي كان يملكها بفتح صف أول ثانوي وثاني ثانوي فيها وكان أيضا يبحث عن مدرسين مؤهلين لهذا بدأ بالبحث عني عندما سمع عن نجاحي في المتريكوليشن وكان الأنصاري سعيداً عندما وجدني وعرض علي العمل في مدرسته وهكذا عينت مدرسا في كلية الثقافة وكان راتبي الأول فيها ستة جنيهات شهريا بينما كان راتب المدرس الرسمي في المدارس الحكومية ثمانية جنيهات وستة وستون قرشا وراتب المدرس الإضافي في القرى الفلسطينية ستة جنيهات. وهكذا بدأت العمل في مهنة التدريس… وكنت شابا نشيطا فحملني الناظر أحمد يوسف، وهو من خريجي دار العلوم المصرية حملا ثقيلا في المدرسة إذ كنت أدرس للأول ثانوي الرياضيات والطبيعيات والتاريخ.

هذا وكان معظم طلاب الصف الأول الثانوي في كلية الثقافة من الناجحين في السابع الابتدائي في مدارس المدينة والقرى المجاورة والذين لم يسمح بدخولهم إلى الأول الثانوي في المدرسة العامرية بيافا لكونهم “أكبر من السن القانوني”.

تعييني مدرسا رسميا

وبقيت أعمل في كلية الثقافة ثلاثة أو أربعة شهور فقط لأني كنت أتطلع أن أشتغل في مدارس الحكومة في يافا مع أن معظم زملائي قد عينوا مدرسين في القرى وقد تحايلنا على ذلك بأن أشتغل في مدرسة من مدارس البلدية التابعة لإدارة المعارف.

وبعد جهد نجحت في أن أعين في مركز شاغر في مدرسة “حسن عرفة” وهي من مدارس بلدية يافا وتشرف عليها فنيا دائرة المعارف. وهذه المدرسة تبرع بها حسن عرفة أحد تجار يافا الكبار عام 1940 وأذكر أنه تبرع آنذاك أيضا خالي زهدي أبوالجبين فأنشأ ملجأ الرجاء على طريق يافا القدس قرب قرية بيت دجن لإيواء أبناء الشهداء الفلسطينيين وصار الملجأ فيما بعد مركز قيادة القائد حسن سلامة. والمهم أن تقول أن “ملجأ الرجاء” ومدرسة “حسن عرفة” نموذجان لتبرع الأغنياء الفلسطينيين لأعمال عامة.

وبدأت عملي في مدرسة “حسن عرفة” في منتصف شهر شباط – فبراير – 1943 وكان راتبي ثماني جنيهات وستة وستين قرشا شهريا وهذا الراتب هو راتب المعلم الرسمي بيافا. وقد حسدني زملائي خريجو الرشيدية لأني اشتغلت في يافا وهم اشتغلوا في قرى صغيرة، لأن المجال في المدينة أفضل منه في القرية ومن يعمل في المدينة تفتح له آفاق كثيرة.

وكانت مدرسة “حسن عرفة” ابتدائية كاملة وفيها صف أول ثانوي وتقع في وسط حي العجمي في جنوب المدينة. وكان بقربها “مقام العجمي”. وكانت بناية المدرسة تطل على البحر وكان ناظر تلك المدرسة عند تعييني فيها عبد اللطيف الحبال ثم أصبح بشير الدباغ ناظرا لها. ومن زملائي في المدرسة المذكورة أحمد أبو عمارة وسليم الطاهر ومصطفى زكي الدجاني وهو الذي كان زميلا لي في الصف التمهيدي أو الأول ابتدائي في مدرسة النزهة عام 1930

الباب الحادي عشر – مشاركتي في الأنشطة العامة

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *