أول نظام للتأمينات الاجتماعية لغير الكويتيين
بعد عودتي للوزارة أسند إلى منصب هام فيها وهو “مراقب العلاقات العامة والتفتيش”. وكان أهم ما أنجزته في وزارة الكهرباء والماء بعد عودتي إليها إنشاء نظام الضمان المالي التعاوني للعاملين في تلك الوزارة. وهو عبارة عن تأمين اجتماعي للعاملين فيها من غير الكويتيين على غرار نظام التأمينات الاجتماعية للكويتيين. وقد جاء في اللائحة المنظمة لذلك ما يلي:
تحقيقا لرغبة عدد من العاملين في وزارة الكهرباء والماء بالكويت بإيجاد نوع من الضمان المالي التعاوني فيما بينهم، فقد اتفقوا على البدء في تنفيذ المشروع التعاوني المبينة تفاصيله فيما يلي لتحقيق هذا الغرض:
أولا: يتلخص المشروع في أن يقدم كل شخص من العاملين في الوزارة يرغب في المشاركة فيه اقرارا منه موجها إلى السيد وكيل الوزارة يطلب فيه أن يخصم من راتبه مبلغا محددا في كل مرة عند وفاة أحد أفراد مجموعته المشتركين في المشروع ويدفع ذلك المبلغ لأسرة المتوفى الذين حددهم في اٌلإقرار المقدم منه عند الاشتراك ..
ثانيا: تنفيذا للمشروع يقسم موظفو الوزارة وعمالها ومستخدموها إلى مجموعات متناسبة من حيث الراتب ويرتبط أفراد كل مجموعة من المشتركين في المشروع ببعضهم البعض وذلك بدفع المبلغ المقرر على كل منهم لأفراد أسرة الشخص المتوفى من مجموعتهم فقط وذلك دون أن تكون لهم علاقة بالمجموعات الأخرى من الناحية المالية ..
ثالثا: تشكل المجموعات على النحو التالي:
المجموعة الأولى: تضم جميع المهندسين وكبار الموظفين.
المجموعة الثانية:تضم موظفي الحلقة الثالثة ورؤساء العمال.
المجموعة الثالثة: تضم موظفي الدرجة الرابعة من الحلقة الثالثة ورؤساء عمال اليومية.
المجموعة الرابعة: تضم كبار عمال اليومية.
المجموعة الخامسة: تضم صغار عمال اليومية.
ويجوز تعديل مجموعة الموظف أو العامل بطلب منه عند الترقية.
رابعا: يكون المبلغ المقرر دفعه من قبل كل مشترك في حالة وفاة أحد المشتركين من مجموعته حسب الجدول التالي
1- | من أعضاء المجموعة الأولى | 15 ديناراً |
2- | من أعضاء المجموعة الثانية | 4 دنانير |
3- | من أعضاء المجموعة الثالثة | 2 ديناران |
4- | من أعضاء المجموعة الرابعة | 1 دينار واحد |
5- | من أعضاء المجموعة الخامسة | 1 دينار واحد |
خامسا: يبدأ قسم المحاسبة باستقطاع المبالغ المحددة أعلاه سلفا من رواتب الأشخاص الذين قدموا طلبات الاشتراك في المشروع بحيث تجمع هذه المبالغ مسبقا وتحتفظ بها اللجنة وتسلم المبلغ المتجمع من المشتركين في أية مجموعة لأسرة المتوفى من نفس المجموعة في حال وفاته .. ثم تبدأ المحاسبة باستقطاع دفعة أخرى من رواتب المشتركين في نفس المجموعة التي توفى أحد أفرادها .. وهكذا بحيث يكون لدى اللجنة دائما المبلغ اللازم الذي يمكنها من دفع التزامها في الحال لأسرة المشترك المتوفى.
سادسا: يتم تسليم المبالغ المستقطعة من المشتركين في المجموعة لأفراد أسرة الشخص المتوفى من نفس المجموعة الذين ذكرهم في الاقرار المقدم منه عند الاشتراك.
سابعا: يتم تأليف لجنة للاشراف على هذا المشروع من مدير الشؤون الادارية فـي الوزارة رئيسا ومندوبين عن الأقسـام الادارية والفنية وعين خيري الدين أبو الجبين مراقب العلاقات العامة والتفتيش مقررا لتلك اللجنة.
ثامنا: المشاركة في هذا المشروع اختيارية.
تاسعا: تقوم مراقبة العلاقات العامة والتفتيش بالأعمال الادارية المتعلقة بهذا المشروع.
عاشرا: تعتبر المبالغ المدفوعة بموجب هذا المشروع تبرعا من زملاء الموظف أو المستخدم أو العامل المتوفى لأفراد أسرته الذين حددهم هو في الاقرار المقدم منه عند الاشتراك وليس لورثته الشرعيين.
وقد نجح هذا المشروع إلى أقصى الحدود وقامت معظم الوزارات في الكويت بتطبيقه على العاملين فيها من غير الكويتيين.
وبالإضافة إلى اهتمامي بالصندوق المالي التعاوني للعاملين في الوزارة، كنت أقوم بأمور العلاقات العامة فيها بنشاط وكنت أرافق الوزير عند قيامه بزيارة مواقع المشاريع التي كانت تعدها الوزارة وذلك من أجل عمل تغطية إعلامية لزيارة الوزير .. وأذكر أنه في الستينات اهتمت الوزارة بإنجاز مشروع المياه الشامل للكويت، وكـان وزير الكهرباء والماء آنذاك عبد الله السميط والذي خلفه عبد الله يوسف الغانم.
وبمناسبة الحديث عن مشاريع المياه، أذكر أن وزارة الكهرباء والماء في الستينات كانت تقدم عونا لبعض الإمارات العربية في الخليج، وكان ذلك متمثلا في إرسال الفنيين والمعدات اللازمة لحفر آبار المياه وغير ذلك. وكان ذلك يتم من خلال لجنة الخليج العربي في وزارة الخارجية الكويتية التي كانت تتعاون مع تلك الإمارات في مشاريع تعليمية وفنية مختلفة قبل أن تتوحد الإمارات السبع في دولة الإمارات العربية المتحدة في عام 1971
إنشاء صندوق العائلة
ومن اهتماماتي الشخصية في السبعينات إنشاء صندوق تعاوني لعائلة أبو الجبين. فقد قمت مع ابن عمي يوسف أبو الجبين وبعض رجال العائلة في الكويت بإنشاء ذلك الصندوق. وعينا ابن العم أمين أبو الجبين مسؤولا عن صندوق المجموعة الأولى وابن العم عبد الواحد أبو الجبين للمجموعة الثانية، ويهدف المشروع إلى حل المشاكل المالية الطارئة التي قد تواجه البعض. ويعمل الصندوق بأسلوب تعاوني وذلك بأن يدفع كل مشترك مبلغ عشرة دنانير أو مضاعفاته شهريا تحفظ لدى أمين الصندوق وتسلم الحصيلة شهريا أو عند الطلب لأي شخص يحتاج إليها من أفراد العائلة المشتركين في الصندوق على أن يسجل المبلغ المستدان على ذلك الشخص ليسدده على أقساط شهرية يدفعها إلى جانب القسط الشهري المعتاد .. وهكذا على أن تبقى الأرصدة المتحصلة لدى أمين الصندوق والذي يسجل في دفاتره حساب كل مشترك ويبين ما له وما عليه.
وقد نجح مشروعنا نجاحا كبيرا وسد الحاجات الطارئة للعديد من أفراد العائلة. كما أمكننا استثمار المبالغ المتجمعة في المتاجرة بالأسهم وغيرها. وكنا نوزع الأرباح الناتجة على المشتركين. وقد أقامت عدة عائلات فلسطينية في الكويت مشاريع مماثلة لخدمة أفرادها.
دراسة أولادي في أميركا وزواجهم بعد التخرج
أبدأ هذا الفصل بالقول بأننا أرسلنا أولادنا للدراسة في أميركا مضطرين لأنني ما قدرت أو ما استعملت (نفوذي) حتى آخذ مقعدا لأولادي في إحدى الجامعات العربية كما كان يفعل البعض. وقد قبل ابني نادر في جامعة سان ماركوس في تكساس بعد حصوله على الشهادة الثانوية في الكويت. ووجدنا أن أقساط تلك الجامعة معقولة. وكانت الأقساط في تلك السنوات منخفضة هناك وكنت أنا وزوجتي قادرين أن نعلم أولادنا في أميركا لأن راتبنا كان معقولا. وأذكر أنه بعد سفر ابني الأول للدراسة في أميركا أحس بالحنين للوطن home sickness ووصف لي حالته تلك فيما بعد بقوله: “لو كان معي أجرة التذكرة لكنت رجعت إلى الكويت”. ولم تكن الاتصالات التلفونية سهلة بيننا وبين أميركا كما هي الآن. وحتى يقبل في الجامعة رسميا قدم ابني هناك امتحان (ACT) American College Test وثبتوا دخوله الجامعة بعد أن نجح في الامتحان. وفي نهاية السنة حصل نادر على قبول في الجامعة لأخيه وائل وسافر وائل إلى أميركا في أول أيلول – سبتمبر – 1970. وفي السنة التالية انتقل نادر ووائل من جامعتهم الصغيرة تلك إلى جامعة الباسو بتكساس وتخرجا منها عام 1975.
وفي أوائل عام 1975 تلقينا بطاقات الدعوة لحضور حفل تخرج ابني نادر وابني وائل من جامعة تكساس متخصصين في الهندسة المدنية.
وكانت أحوالنا المالية آنذاك صعبة حيث كنا قد أرهقنا ماليا نتيجة لتعليم أولادنا تعليما جامعيا في أميركا وكان أولادي من أوائل من درسوا في أميركا من الطلاب في الكويت لأنهم كانوا كما سبق أن ذكرت من أوائل الفلسطينيين الذين ولدوا ودرسوا في الكويت بعد النكبة.
ورغم صعوبة أوضاعنا المالية قررنا أن نسافر لحضور حفل التخرج الذي تحدد له يوم 17/5/75 “لأن هذه الفرصة لن تعوض”!!
وسافرت مع زوجتي إلى أميركا .. وكان حفل التخرج رائعا .. وبعد الحفل أمضينا بضعة أيام نتجول في بعض المدن الأميركية ثم اصطحبنا ولدينا وعدنا إلى الكويت وبدأت أبحث لهما عن عمل!!.
وكان السوق الكويتي محتاجا إلى الكفاءات كما كان العمل متوفرا في الكويت بعد ارتفاع أسعار النفط نتيجة لحرب أكتوبر 1973.
وهكذا بدأ ابني نادر وابني وائل العمل مهندسين في مشروع انشاء مطار الكويت الدولي الجديد برئاسة الصديق عبد المحسن القطان!
وبعد سنة من عمله خطب ابني نادر الآنسة دينا معاوية الخالدي وهي من عائلة مقدسية معروفة وكان أهلها جيران لنا في مدينة يافا وأقمنا لهما عرسا كان يعتبر أول حفل زواج كبير يقام في الكويت لعريس فلسطيني ولد فيها ..
وفي عام 1980 تزوج ابني وائل من الآنسة سمر يعقوب الحسيني وهي من عائلة الحسيني المقدسية.
وكانت ابنتي الكبرى زلفى قد تزوجت عام 77 من مازن خالد صادق وهو مهندس من عائلة الصادق من شمال فلسطين نشأ في الكويت.
أما ابنتي الصغرى لبنى فقد تزوجت في عام 1984 من المهندس طريف مفيد النشاشيبي وهو من عائلة النشاشيبي في بيت المقدس. وكانت زلفى ولبنى قد تخرجتا من جامعة الكويت.
وعندما سأتحدث عن الفولوكلور الفلسطيني في فصل قادم سأصف حفل زواج ابني الأصغر سامر عام 89 حيث عرضت في ذلك الحفل نماذج مختلفة من الفولوكلور الفلسطيني في مدينة يافا!!
استمرار علاقتي بالشقيري بعد استقالته من المنظمة
وكنت في السبعينات أستضيف الشقيري في منزلي بالكويت وكذلك العديد من زوار الكويت السياسيين وخصوصا المستقلين منهم حيث كانت تعقد لقاءات يحضرها عدد من رجال السياسة والفكر في الكويت. وبعد استقالة الشقيري من رئاسة منظمة التحرير الفلسطينية في 24/12/1967 استمررنا في تبادل الزيارات، وأكثر الشقيري من زيارة الكويت حيث كان يحب اللقاء بإخوانه المحبين، رحمه الله، “لتبادل الرأي معهم وتبصيرهم”، وكتب في صحف الكويت، كما عقد مؤتمرا صحفيا بين فيه مخاطر توقيع اتفاقية كامب ديفيد، كما كنت أزور الشقيري كثيرا في منزله في مصيف كيفون بلبنان وكنت أسعد بالاستماع إلى أحاديثه العذبة وتوجيهاته السديدة ..
وقد كلفني في عام 1978 بالإشراف على طباعة كتابين له في الكويت، هما كتاب “علم واحد وعشرون نجمة” وكتاب “الطريق إلى مؤتمر جنيف” ومن خلال قيامي بهذه المهمة وكذلك من قراءتي لكتبه الأخرى ازددت اعجابا بالشقيري المفكر والكاتب ورأيت فيه باحثا رصينا وأديبا مبدعا ومحاميا ضليعا.
هذا وضم الكتاب الأول تلخيصا لكل محاولات الوحدة التي جرت ودعوة إلى إقامة الدولة العربية المتحدة في نظام فيدرالي يشمل الوطن العربي كله، وبين الكتاب حتمية الوحدة وضرورتها للجميع وفند مزاعم كل من يعارضها.
كما كان في الكتاب الثاني رد مفحم على كل المبررات التي يسوقها دعاة الصلح مع العدو، حيث كان الشقيري يرفض ذلك ويقول: “إن الوطن ليس موضع مساومة”، كيف لا وهو صاحب لاءات الخرطوم الثلاث!؟
ومن المؤسف أن هذين الكتابين لم يعرضا لاطلاع الجمهور عليهما بل بقيت كل نسخهما محجوزة في خزائن الحكومة العراقية التي تولت الصرف على طباعتهما!!؟.
وبعد أن وقع السادات معاهدة كامب ديفيد مع العدو الصهيوني لم يستطع الشقيري أن يبقى في القاهرة .. فغادرها إلى تونس والتي أصبحت مقرا للجامعة العربية بعد أن قاطع العرب مصر لتوقيعها اتفاقية كامب ديفيد.
وفي تونس مرض الشقيري .. وبعد أن اشتد المرض به أثناء اقامته هناك نقل بأمر من جلالة الملك حسين ملك الأردن ليعالج في المدينة الطبية بعمان، ولكن الشقيري لم يلبث أن فارق الحياة يوم 26 شباط – فبراير – 1980 وبناء على وصيته دفن في غور الأردن إلى جانب قبـور شهداء معركة اليرموك وغيرها ومنهم أبو عبيدة عامر الجراح .. ولا زلنا حتى الآن نستلهم الكثير من مواقف الشقيري وأعماله المجيدة عندما نزور ضريحه في الأردن مع أعضاء لجنة تخليد ذكرى المجاهد أحمد الشقيري.
وعلى أثر وفاة الشقيري تداعت ثلة من محبيه وأصدقائه وعارفي فضله والمؤمنين بطروحاته فأنشأوا في الكويت: “لجنة تخليد ذكرى المجاهد أحمد الشقيري”.
وقد قامت هذه اللجنة بعد تشكيلها بنعي ذلك البطل إلى جماهير شعبنا وأمتنا العربية، وكتب عدد من أعضائها وغيرهم المقالات المطولة في الصحف العربية المختلفة مشيدين بمآثره وأعماله المجيدة، والتي كان تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية أجلّها وأعظمها، وقد نظمت اللجنة حفل تأبين أقيم في مكتب المنظمة بالكويت بمناسبة مرور 40 يوما على وفاته وتحدث في ذلك الحفل عدد من أعضاء اللجنة إلى جانب شخصيات فلسطينية وعربية، وقد أبّنت الشقيري في ذلك الحفل. وفيما يلي فقرات من كلمتي في حفل التأبين:
أيها السادة، إخواني وأخواتي:
نلتقي اليوم في بيت فلسطين، في مقر منظمة التحرير الفلسطينية بالكويت، لتأبين أول رئيس لها، ابن فلسطين البار، المجاهد الكبير المرحوم أحمد الشقيري.
… وكان الشقيري وفيا للمجاهدين وذكراهم يقدر لهم جهادهم حتى لو كانوا من خصومه السياسيين، وأذكر أنه عندما انتقل مفتي فلسطين وزعيمها المرحوم الحاج أمين الحسيني إلى الرفيق الأعلى كان الشقيري في مقدمة المعزين فيه رغم ما كان بينهما من خصومة. وقال لي يومها في منزله بكيفون: “إنني أعزي في المفتي لأنه في جهاده الطويل لم يلن ولم يهادن المستعمر بل كان يرفض الانتداب والصهيونية على الدوام”.
… لقد كان الشقيري معلما لنا ولرفاقنا. علمنا الكثير من دروس الوطنية الصادقة. علمنا أن لا نهادن العدو أبدا مهما بدا أنه أقوى. علمنا لاءات الخرطوم الثلاث، وكان يقول لنا إن الوطن يحتاج إلى عمل مخلص مستمر شريف وأن يد الله دائما مع الجماعة.
… لقد تعلمنا من الشقيري الإيمان بحتمية الوحدة العربية وأن الوحدة هي العلاج الناجع والوحيد لكافة مصائبنا وآلامنا، وكان رحمه الله يقول إن الصهيونية العالمية وفي طليعتها إسرائيل قوة ديناميكية هائلة لا يمكن أن يقف أمامها إلا وحدة عربية لها جيش عربي واحد على رأسه دولة اتحادية واحدة، وبدلا من أن نظل نردد أن شعار إسرائيل من النيل إلى الفرات علينا أن نقيم دولة الوحدة من النيل إلى الفرات.
… وكان الشقيري يؤمن بضرورة الاستعداد المبكر لمجابهة العدو قبل أن يقوى ويشتد. قال لنا في إحدى زياراته لمكتب المنظمة في الكويت عام 1965 أن ثمن التحرير يتضاعف سنة بعد سنة فإذا كان التحرير يكلف الآن بليونا فإنه سيكلف في السنة المقبلة عشرة وفي السنة التي تليها مائة، فعلينا أن نسرع في تجميع قوانا وإعداد أنفسنا لخوض معركة التحرير.
… وكان رحمه الله يؤمن إيمانا راسخا بأن طاقات الأمة العربية وإمكانياتها لو تجمعت كافية لقهر العدو والقوى التي تسانده.
… وفي آخر رسالة كتبها لي من تونس يصف حالته المرضية قال: “.. بقي أن أرجوك أنت وإخواننا في النضال أن تنصبوا أنفسكم حراسا على القضية الفلسطينية وأن تداوموا على نصح إخواننا الذي ألقت المقادير بين أيديهم قيادة القيادة الفلسطينية إلا يفرطوا بأي شبر من وطننا المقدس ولا ذرة من تراب وطننا الغالي، فإن تجربة السادات الخائن قد أثبتت أن كل تفريط واستسلام يقابله العدو بالمزيد من الأطماع والتوسع والعدوان. وهذه هي وصيتي لشعبنا البطل أرجو أن تحفظها وتدونها بين أوراقك، وأسأل الله لقادتنا الهدى ولشعبنا النصر المبين، ولا بأس أن تنشر هذه المعاني في صحفنا الوطنية في الكويت، إعزازا لقضيتنا المقدسة واستمساكا بوطننا الغالي”.
… وكنت مقررا للجنة تخليد ذكرى الشقيري ثم اصبحت رئيسها. وأذكر أن عضو اللجنة الأخ عبد المحسن قطان قد تبرع بالصرف على طبع ونشر الكتاب الذي أعددناه عن الشقيري. وقد كتب مقدمة الكتاب الدكتور أنيس الصايغ والذي كان صديقا للشقيري ومن عارفي فضله كما أنه كان عضوا في لجنة تخليد ذكرى الشقيري فيما بعد.
انتقالي من وزارة الكهرباء إلى وزارة التربية
وفي أواخر عام 1975 اتفق وزيرا الكهرباء والتربية على نقلي من وزارة الكهرباء إلى وزارة التربية والتي كان وزيرها جاسم المرزوق من أصدقائي وأحد تلاميذي القدامى.
وأذكر أنني شعرت في آخر فترة من عملي في وزارة الكهرباء أن مركز الموظفين الاداريين من أمثالي وخصوصا غير الكويتيين منهم بدأ يضعف في الوزارة حيث بدأت أفواج الخريجين والمهندسين الكويتيين تتوافد على الوزارة وتطالب بمراكز!! لهذا رحبت شخصيا بالانتقال إلى وزارة التربية لأن وزيرها صديقي كما قلت ولأنني أعرف الكثير عنها حيث عملت فيها مدرسا وموظفا لمدة عشر سنوات في بداية حياتي في الكويت.
وفي وزارة التربية أسند إلي منصب “مراقب التدريب” في ادارة جديدة تم إنشاؤها هناك وهي “ادارة التنظيم والتدريب”. وأذكر أن المدير كان الدكتور محمد رمضان وهو مصري متخصص في الإدارة. وقد عينت مساعدا للمدير ومسؤولا عن التدريب .. وحاولت أن أدرب الموظفات الكويتيات العاملات كسكرتيرات للمدارس ولكن معظمهن كن يتخلفن عن التدريب على الآلة الكاتبة مع أن الكثيرات من الطباعات في وزارة التربية غير كويتيات!! ولم يكن بمقدوري أن أوقع العقوبات على المتخلفات عن التدريب لأن جو العمل في الوزارة لم يكن يسمح بذلك!! وأذكر أنني بحثت هذا الأمر مع عبد الله الجاسم مدير الشؤون الادارية في الوزارة فقال لي حينها: “يا أستاذ خيري .. لا تكن شديدا أكثر من اللزوم فهؤلاء الموظفات لم يعتدن على الجد والانضباط في العمل”؟!
وأذكر أن العدد الأكبر من موظفي تلك الادارة كان من المصريين بينما كان هناك ثلاثة موظفين فلسطينيين وموظف كويتي واحد اسمه علي معيوف!
وأذكر أن اسم تلك الادارة قد تغير فيما بعد وأصبح اسمها ادارة التنظيم الاداري وقد بقيت أعمل فيها إلى أن أحلت للتقاعد عام 1991.
منحي الجنسية الكويتية
في أواخر كانون الأول – ديسمبر – 1984 قامت دولة الكويت بمنح الجنسية الكويتية لبعض من أدوا خدمات جليلة للبلاد وعددهم 85 شخصا. وكنت من بين أولئك الأشخاص وقد سررت لمنحي جنسية هذا البلد الذي أحببته ولم أعرف وطنا سواه منذ أن غادرت مدينتي يافا بفلسطين عام 48 والتي أصبحت وللأسف جزءا من دولة العدو الصهيوني. وأعتقد أن منحي الجنسية جاء متأخرا!! حيث أن معظم زملائي المدرسين القدامى وغيرهم والذين قدموا إلى لكويت معي أو بعدي منحوا الجنسية الكويتية قبلي بسنوات .. ولا أعرف سببا لذلك!؟
هـذا وقـد نشـر مرسوم منحي الجنسية الكويتية في الجريدة الرسميـة “الكويت اليوم” في 13/1/1985، كما منحت زوجتي تلك الجنسية معي. أما أولادي فلم يمنحوا الجنسية لأنهم كانوا أكبر من “السن القانوني”. كما أنهم لسوء الحظ لم يمنحوا الجنسية الكويتية بعد ذلك بموجب القانون الذي صدر عام 98 بالسماح بمنح الجنسية الكويتية لأبناء المتجنسين وفق ضوابط معينة ولحسن الحظ عدل هذا القانون فيما بعد!؟
هذا وقد منح الجنسية في نفس الوقت ابن عمي يوسف أبو الجبين وأولاده ، كما منح الجنسية أيضا عدد من أصدقائي ومنهم حسين نجم واسماعيل أبو عبده. ويرجع الفضل في حصولي على الجنسية الكويتية إلى أحد تلاميذي القدامى صديقي اللواء يوسف الخرافي وكان وكيلا لوزارة الداخلية الكويتية، وكان يشيد باستمرار بخدماتي التي قدمتها للكويت في ميادين التعليم والرياضة وغيرها، وكذلك الصديق الدكتور حسن الإبراهيم وزير التربية السابق.
هذا وسبق لي أن حملت توصيات بهذا الشأن لوزير الداخلية ولرئيس الأمن العام السابق من رؤسائي السابقين وهم الشيخ عبد الله الجابر وزير التربية والشيخ جابر العلي وزير الكهرباء وعبد الله السميط وزير الكهرباء ووكيل الوزارة محمد الحمد بالإضافة إلى أن الشيخ صباح الأحمد أوصى بمنحي الجنسية عندما كان وزيرا للشؤون الاجتماعية وذلك تقديرا لخدماتي في الحقل الرياضي في الكويت.
ومن الطريف أن أذكر هنا أنني صادفت عقبات كثيرة يوم اجتماع لجنة الجنسية الكويتية! وعندما مثلت أمام اللجنة سألني رئيسها عبد اللطيف الثويني عن أولادي؟ فذكرت له أنهم جميعا أنهوا دراستهم الجامعية على حسابي، فقال لي: “مبروك عليك الجنسية .. لأنك لا تريد منا شيئا بعد أن علمت كل أولادك على حسابك”!؟
ومن الكشف المرفق بأسماء الفلسطينيين الذين منحوا مع أسرهم الجنسية الكويتية يتبين أن عددهم يتراوح بين مائة ومائة وخمسين شخصا فقط. وفي رأيي أن هذا عدد قليل بالمقارنة مع دول أخرى .. إذ بلغ عدد أبناء فلسطين في الكويت قبل حرب الخليج بين ثلاثمائة وخمسين الفا وأربعمائة ألف شخص والآلاف منهم ولدوا وعاشوا كل حياتهم في الكويت فضلا عن أن العديد منهم مؤهلون تأهيلا عاليا!! بينما كان عدد الفلسطينيين في السعودية مثلا أقل من عددهم في الكويت بكثير ومع ذلك منح المئات بل الآلاف منهم الجنسية السعودية. كما أن مملكة البحرين منحت الجنسية البحرينية مؤخرا للمئات ممن أقاموا فيها مدة طويلة!! وفيما يلي أسماء معظم الفلسطينيين الذين منحوا الجنسية الكويتية.
أ- من المدرسين: محمد نجم، عبد اللطيف الصالح، حسين نجم، سليمان أبوغوش، محمد بشير، اسماعيل أبو عبده، محمد الزعبلاوي، ابراهيم عيد، أحمد عزت أبو عمارة، خميس نجم، سعدي بدران، حسن الدباغ، السيدة ربيحة الدجاني المقدادي والسيدة دعد الكيالي.
ب- من دائرة الصحة: د. نوري الغصين، د.عادل نسيبـة، د.سـامـي بشارة، د. ناظم الغبرا، د. علي العطاونة، د. محمـد الصفوري، د.محمد أبو هنطش، د. حسام العمد، هوفا هوفاميان، عادل الجراح، والسيدة ملكة الصوصو.
ج- من دوائر الأمن العام والشرطة: هاني القدومي، غازي القدومي، حمزة الحجاوي، وجيه المدني، زياد زعيتر، عمر زعيتر، عبد الكريم الشوا، مصطفى الشوا، عدنان الشوا، أحمد شهاب الدين، حسني بيدس، هاشم الهنيدي، أنور الهنيدي، خليل شحيبر، جبرا شحيبر، فوزي الخضراء، سلامة عياد، مجدي عبدو، محمد أبو سيدو، خالد الهنيدي، زكريا الكردي، فتحي الصدر، فؤاد البحر، محمد خميس، ياسر الريماوي، جمال البغدادي، محمد سعيد الحوتري، ومحمد ذيب المرعي ومحمد الهنيدي.
د- من دائرة الكهرباء: محمد الحناوي، د. زكـي أبو عيد، عبد المحسن القطان، د. عبد الفتاح فاخوري، عاهد الخطيب، وخيري الدين أبوالجبين.
هـ- من الأشغال والبلدية: محمد المغربي، سعيد بريك، جابر حديد، يوسف أبوالجبين، معيـن خورشيد، يحيى غنام، خالد الحسن، حسين بيبي، عبد الحليم بركات، سعيد سبيتة، خالد عيد وعبد الله السعدي.
و- من دوائر أخرى: أحمد عبد العال، بدر الكالوتـي، محمـد نسيبة، حيـدر الشهابـي، عـادل الأنصـاري، طلعت الغصين، خـالد أبو السعود، محمد قطينة، محمد الهنيدي، عبد الرحيم معروف، نعيم عنبتاوي، رسمي عبد الغني وأحمد عكاشة .
ز- من القطاع الأهلي: سعدي أبو ضهير، أسعد بكير، محمود أبو غزالة، محمود القدومي، أحمد القدومي، سليم الهنيدي، محمد حديد، محمد التاجي الفاروقي، محمد سليم فروانة، أشرف لطفي ورضوان لطفي، فوزي هنا، صالح أبو رزق، السيدة مكرم الحجاوي والسيدة رشا شحيبر خورشيد، شعيب بشير، عائشة بشير، عمر القوقا، د. موسى جبر، د. صلاح الغول.
* ملاحظة: المذكورون أعلاه هم أرباب العائلات وإلحاقا بهم فقد منحت زوجاتهم وكذلك أبناؤهم الجنسية الكويتية في معظم الحالات.
إنشاء مؤسسة التعاون Welfare Association
وفي عام 1980 عينت سكرتيرا لأول مجلس ادارة لمؤسسة التعاون وكان عدد من رجال الأعمال الفلسطينيين قد أسسوا تلك المنظمة من أجل خدمة القضية الفلسطينية في الأوساط الأجنبية بالإضافة إلى الحفاظ على الشخصية الفلسطينية والحفاظ على التراث الفلسطيني بمختلف الوسائل والصرف على ذلك من خلال أرباح صندوق Trust ينشأ لهذه المؤسسة. وكان الهدف المالي الموضوع للصندوق في بداية الأمر مائة مليون دولار إلا أنه لم يدفع منها إلا نحو 25 مليونا.
ومن المؤسسين الكبار لمؤسسة التعاون عبد المجيد شومان وحسيب الصباغ وعبد المحسن القطان وسعيد خوري ومنيب المصري. وقد تبرع كل منهم في البداية بمبلغ مليون دولار يضاف إليهم عدد من رجال الأعمال الذين تبرع كل منهم بنصف مليون دولار أو أقل.
وقد كانت أول هيئة ادارية للمؤسسة من المتبرعين الخمسة المذكورين أعلاه بالإضافة إلى عدد من المفكرين الفلسطينيين أذكر منهم: وليد الخالدي وباسل عقل. وهناك مجلس أمناء للمؤسسة يتألف من ممثلين عن المتبرعين وبعض رجال الفكر.
هذا وقد تم تسجيل المؤسسة في سويسرا عام 1981 واتخذت مقرا لها في جنيف. وقد كنت سكرتيـرا لمجلس الادارة مدة سنة قبل أن يعين المدير الأول لهـا د. جورج عبد والذي خلفه فكتور قشقوش، ومديرها الحالي هو د. اسماعيل الزابري. وتعمل المؤسسة الآن على حفظ التراث الفلسطيني بمختلف الوسائل وتقدم العون للعديد من المؤسسات والبلديات داخل فلسطين وخارجها عن طريق مشاريع محددة وبدأت المؤسسة بإنشاء متحف الذاكرة الفلسطيني. وقد تعاونت كرئيس صندوق يافا الخيري في الكويت مع مؤسسة التعاون بإنشاء دار للأسرة والطفل داخل مدينة يافا برعاية الرابطة لشؤون عرب يافا وكذلك في دعم اللغة العربية في يافا بإنشاء مطبعة عربية هناك.