انتخابات المجلس البلدي عام31
كانت انتخابات عام 1931 آخر انتخابات جرت في يافا قبل أن تحل الحكومة المجالس البلدية المنتخبة.
وّأذكر أنني في طفولتي كنت أهتف مع الهاتفين لبعض المرشحين عن حي الرشيد في تلك الانتخابات ومنهم عمي الشيخ عيسى أبو الجبين والذي فاز آنذاك في عضوية المجلس البلدي والذي كان برئاسة عاصم السعيد. وعندما حل موعد الانتخابات التالية للمجالس البلدية كانت ثورة 36-38 على أشدها فلم تجر الانتخابات وتم التجديد للمجالس القائمة آنذاك ثم ما لبثت الحكومة أن حلت تلك المجالس وبدأت تعين لجانا لادارة البلديات.
لجنة للبلدية بدل المجلس المنتخب
وأذكر أن “لجنة بلدية يافا” في أوائل الأربعينات كانت برئاسة عبد الرؤوف البيطار والذي خلفه بعد وفاته شقيقه عمر البيطار وهو الذي كان رئيسا للبلدية في العهد العثماني. وبالإضافة إلى الرئيس كان من أعضاء لجنة البلدية كل من: علي المستقيم ومسعود الدرهلي وزهدي أبوالجبين وحسن عرفة وألفرد روك كما كان ماير امزالق عضو يهودي يمثل السكان اليهود القاطنين في الأحياء اليهودية المتاخمة لحي المنشية في شمال المدينة.
كلمة عن الطوائف المسيحية في يافا
وبالنسبة لألفرد روك أذكر انه كان من أقطاب الحركة الوطنية في فلسطين منذ العهد العثماني وحتى الانتداب البريطاني وهو من طائفة اللاتين المسيحية. وكان في يافا وفلسطين كلها طائفتان مسيحيتان رئيسيتان بالإضافة إلى طوائف الأرمن والبروتستانت وغيرهما. والطائفتان الرئيسيتان هما الطائفة الأرثوذكسية وهي الأكبر ثم طائفة اللاتين والتي كان منها الفرد روك وأخوه أدمون روك وكانا من أعيان مدينة يافا. وكانت حكومة الانتداب باستمرار تحاول التفريق بين المسلمين والمسيحيين في فلسطين. فكانت تعين في الدوائر الحكومية موظفين من الشبان المسيحيين اكثر من المسلمين بقصد التفرقة. لكن الأخوان المسيحيين الفلسطينيين والحق يقال أثبتوا باستمرار أنهم عرب أقحاح وأكدوا تمسكهم بفلسطينيتهم ونبذوا التفرقة وكانوا سندا لإخوانهم المسلمين في كل الثورات الفلسطينية والحركات الفلسطينية منذ بداية الانتداب وقبله وقد أنشئت الجمعيات الإسلامية المسيحية قبل الهيئة العربية العليا. وكان المسيحيون يشاركون في كل الجمعيات الوطنية بيافا وكان لهم ممثل أو أكثر في كل منها. ومن المسيحيين المعروفين في يافا ألفريد روك وكان عضوا في لجنة بلدية يافا وأخوه أدمون وكان رئيسا لنادي الاتحاد. وكان بشارة عازر والبيروتي والعيسى من الزعماء السياسيين المسيحيين في يافا مثلهم مثل زملائهم المسلمين علي الدباغ ومحمد عبد الرحيم ومحمد سليم أبو لبن وكامل الدجاني والشيخ راغب الدجاني وغيرهم. وأذكر من السيدات المسيحيات اللاتي كان لهن ضلع في الحركة النسائية الفلسطينية “أوديت عازر” وكانت تناضل وتقود المظاهرات في يافا مع زميلاتها المسلمات مثل أم غالب الدجاني وأم كمال أبو لبن وبعدهن كانت سلوى دمشقية السعيد وسامية دمشقية أبوالجبين من السيدات النشيطات في يافا. وكذلك يسرى طوقان أبوالجبين وعضوتي زهرة الاقحوان في النضال العسكري: مهيبة (عربية) وناريمان (جهينة) خورشيد
وفي القدس كان الزعماء المسيحيون أمثال يعقوب فراج وأميل الغوري سكرتير الحزب العربي وفوتي فريج الذي اختير وزيرا في حكومة عموم فلسطين عام 48 – يشاركون إخوانهم المسلمين في العمل الوطني ومنهم جمال الحسيني وراغب النشاشيبي وحسين فخري الخالدي
وبالمناسبة أقول أنني حضرت في الصيف الماضي ندوة أقيمت في النادي الأرثوذكسي بعمان عنوانها مسيحيون ومسلمون في دعم الانتفاضة، تحدث فيها أحد رجال الدين المسيحيين من القدس وهو الدكتور عطا الله حنا، إلى جانب شيخ اسلامي جليل .. وكان الدكتور عطا الله في تلك الندوة متحمسا لعروبة فلسطين مثل زميله الشيخ الاسلامي إن لم يكن أكثر
آخر مجلس بلدي ليافا
عند بداية عام 1946 وبعد استقرار الأحوال نسبيا في البلاد إثر انتهاء الحرب العالمية الثانية قررت حكومة الانتداب اجراء انتخابات لكافة البلديات في فلسطين. ومن أجل ذلك جرى التحضير لانتخاب مجلس بلدي في يافا بعد أن كان الأمر موكولا للجنة البلدية والتي كان آخر رئيس لها الدكتور يوسف هيكل والذي سبق أن انتدب لشغل ذلك المركز بعد أن كان موظفا كبيرا في دائرة الأوقاف الإسلامية
والدكتور هيكل ابن إحدى عائلات يافا العريقة وهو خريج جامعة السوربون بباريس … وقد رشح نفسه لرئاسة المجلس البلدي وكان ينافسه في ذلك سليم السعيد ابن عاصم السعيد والذي كان رئيسا لآخر مجلس بلدي تم انتخابه في يافا.
وكانت معركة الانتخابات حامية جدا شاركت فيها عناصر عديدة وأحزاب فلسطينية مختلفة وفي النهاية فاز الدكتور يوسف هيكل وجماعته بالمجلس. واستمر ذلك المجلس في عمله نحو سنتين حتى نهاية الانتداب. وكان من الأعضاء الفائزين فيه رباح أبو خضرا وراشد كنعان وعادل الحمامي وبشارة عازر والبيروتي وكان في القائمة المنافسة سليم السعيد وأحمد الحوت وآخرون. كما كان عمي الشيخ عيسى أيضا في القائمة المنافسة وكنت مندوبا عنه في لجنة مراقبة الانتخابات وفرز الأصوات. وأذكر أن عملية التصويت وكذلك عملية فرز الأصوات جرتا في عمارة السراي الكائنة في ساحة الساعة وسط المدينة والتي كانت تشغلها دائرة الشؤون الاجتماعية وكانت تلك العمارة مقرا للحكومة في العهد العثماني. ومما يذكر أن العصابات الصهيونية نسفت تلك العمارة في شهر كانون الثاني (يناير) عام 1948 عندما بدأت الاضطرابات بعد قرار التقسيم ونتيجة لنسف العمارة المذكورة استشهد عدد من شباب المدينة منهم أربعة من أصدقائي وهم غالب الدجاني عضو النادي العربي والآنسة سعاد الزين وعضوا النادي الرياضي الإسلامي سعيد شنير وزكي الدرهلي والذي كان الجناح الأيسر لمنتخب فلسطين في كرة القدم.
الباب الرابع عشر – صدور قرار التقسيم وسقوط يافا والهجرة منها